الاستفادة من نزول القرآن الكريم منجما في مجال التربية والتعليم

 الاستفادة من نزول القرآن الكريم منجما في مجال التربية والتعليم *

ينبغي أن يستفاد في العملية التعليمية في منهج القرآن الكريم في تربية هذه الأمة وتهذيب أخلاقها وتصحيح معتقداتها وتحويلها من أمة الجهل والجاهلية إلى أمة الكتاب والقلم.

فقد كان الناس في غاية من الجهل والانحطاط في كثير من شؤون حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية فأنزل الله عليهم القرآن ولم يزل يرتقي بهم في سامي المبادئ وعالي الأخلاق، حتى أصبحوا في أعلى الدرجات بل صاروا خير أمة أخرجت للناس بعدما كانوا ما كانوا.

وسلك القرآن الكريم في ذلك منهجا فريدا، ومسلكا حميدا فبدأ بتصحيح العقيدة وغرس المبادئ الصحيحة، ثم تدرج في أحكام العبادات حتى تمامها وكمالها.

وفي التربية والتعليم ينبغي الاستفادة من هذا المنهج الحكيم، فمن المعلوم أن العملية التربوية تقوم على أمرين أساسيين:

الأول: معرفة المستوى الذهني للطلاب:

فلا بد قبل التعليم من معرفة المستوى الذهني لديهم حيث يكون نقطة الانطلاق بهم، وإعطائهم ما يتناسب مع قدراتهم الذهنية وطاقاتهم الفكرية.

فإنهم إن أعطوا أقل من مستواهم الذهني ملّوه وهجروه وإن أعطوا ما هو فوق مستوى إدراكهم وفهمهم عجزوا عنه ونفروا منه.

الثاني: تنمية قدراتهم:

أ- الذهنية.     ب- النفسية.      ج- الجسمية.

فإذا عرف مستواهم الذهني وما يناسبهم من المادة العلمية بدأ التدرج في تلقينهم وتعليمهم ما يراد تعليمه مراعيا النواحي الذهنية والجسمية والنفسية.

فالمنهج الدراسي الذي يوضع من غير معرفة للمستوى الذهني للطلاب، ثم تنمية مداركهم العامة ببناء الجزئيات على الكليات والتفصيل بعد الإجمال؛ منهج فاشل.

والكتاب المدرسي الذي لا يبنى على معرفة دقيقة لمستوى الطلاب الذهني وما سبق لهم من مادة علمية وما يحتاجون إليه بعدها وتتدرج المعلومات فيه من السهل إلى الصعب مع وضوح في الأسلوب، وبساطة في العبارة بعيدة عن التعقيد والغموض في الألفاظ؛ كتاب لا يرجى نفعه.

والمدرس وهو العمود الأساس في العملية التعليمية إذا لم يدرك هذين الأمرين الأساسيين في العملية التعليمية إدراكا تاما، فيعرف مستوى طلابه الذهني ويضع ما يمدهم به من معلومات على قواعد وأسس المعلومات السابقة، فإن بناءه سينهار ويسقط.

فعلى المعلم أن يدرك تماما المستوى الذهني لطلابه ويمدهم بما يلائم قدراتهم الذهنية. ويخطئ من يعتقد أن مهمته التلقين أو حشو أذهانهم بالمادة العلمية فحسب، بل عليه أن يراعي مع الناحية العلمية أيضا الناحيتين الجسمية والنفسية،

المعلم الناجح يوازن بين الترغيب والترهيب فلا يقسو قسوة تنفر منه الطلاب، ولا يضعف حتى يصبح ألعوبة بين طلابه وتسقط هيبته واحترامه.

المعلم الناجح هو الذي يعرف كيف يعطي طلابه القدر المناسب من الواجبات المدرسية فلا يثقل كاهلهم بأدائها، ولا يشغل بقية نهارهم وليلهم في الحفظ أو الكتابة فهم بحاجة إلى الراحة.

المعلم الناجح هو الذي يستطيع المزج بين نظرة الأب لأبنائه ونظرة المعلم لطلابه فيتفقد شؤونهم ويلاطفهم ويعالج مشاكلهم فيشعرهم بعطفه ويظهر لهم محبته ويريهم حرصه على مصلحته.

ولنا في منهج القرآن الكريم في تربية الأمة والتدرج بها بلطف، ورحمة، وحكمة، أسوة حسنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أخذت هذه المقالة من كتاب : دراسات في علوم القرآن - تأليف : فهد الرومي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل للمسابقات القرآنية فوائد؟

مفهوم التربية بالقرآن

أنواع المحاكاة في القراءة